لماذا صرت مسيحياً؟

لماذا صرت مسيحياً؟

سلطان محمد بولس


Bibliography

لماذا صرت مسيحياً؟. سلطان محمد بولس. الطبعة الأولى . 1981. English title: Why I Became a Christian. German title: Warum ich Christ wurde.

مقدمة

مضى نصف قرن منذ جهَّز بادري سلطان محمد بولس قصة حياته بناءً على رغبة أصدقائه، وجعل عنوانها «لماذا صرت مسيحياً؟». وقد كُتب هذا الكتاب أول الأمر في اللغة الأردية، ونُشرت الترجمة الأولى له سنة 1927 في لاهور. ثم تُرجم إلى لغة التاميل، والمالايالام.

ولقد سعدتُ كثيراً بلقاء بادري سلطان محمد بولس منذ أربع وثلاثين سنة، في «الله أباد» عندما كان يباحث علماء المسلمين. وكانت أخلاقياته المسيحية ومعرفته العميقة ذات تأثير عظيم على نفسي. وكان في ذلك الوقت يعمل أستاذاً للغة العربية في إحدى جامعات لاهور.

يعاني الإنسان المعاصر من مرض روحي، هو فخره الكاذب بعائلته ومجتمعه وأمته. ويتفشَّى هذا المرض في كل طبقات المجتمع، لأنه مرض التركيز على الذات، الذي نسميه في اللغة الدينية «الفساد المطلق للطبيعة البشرية». وهو فساد تكمن جذوره في القلب البشري، فيعطل خدمة الإنسان لمجتمعه. على أن هذا المرض يظهر أكثر ما يكون في ثورة الإنسان ضد ما هو مقدس، وضد الله الحي. لقد دمرت آثار الخطية قلب البشر. ومع أن الناس يحسّون بخطاياهم، إلا أنهم يستمتعون بالخطية ويمارسونها بسرور. ولقد كان إحساس «بادري سلطان محمد بولس» بالخطية كبيراً، فأراد أن يتحرر منها، فأنعم الله عليه بما طلب.

ويتحاشى كثيرون من البشر النظر لمشكلة الخطيئة في حياتهم، فلا يفتشون على طريق الخلاص منها. ويحاولون بنفاقهم أن يغطّوا حالة قلوبهم السيئة، رغم أنهم يعلمون أن لا شيء في قلب الإنسان يختفي عن عين الله التي ترى كل شيء. فإلى من يطلب تحريراً لنفسه من خطاياه، نقدم قصة حياة «سلطان بولس» ونرجو أن تكون سبب بركة لمطالعيها، ومصدر هدىً وإرشاد لهم، يقودهم إلى الله الحي.

الناشرون

لماذا صرت مسيحياً؟

حياتي الأولى ودراساتي

بلدي الأصلي أفغانستان. وكان والدي رحمه الله يقيم في عاصمة لوجار التي تبعد 75 كيلومتراً من مدينة كابول. وكان والدي «باياندا خان» يشغل وظيفة لواء في الجيش الأفغاني، وكان معروفاً في بلدنا باسم «اللواء بهادور خان» وكان متزوجاً من زوجتين، أولاهما من قريباته، ولدت له ثلاث بنات ولم تلد له ولداً. لذلك تزوج ابنة السيد «محمد أقا» من أكثر العائلات النبيلة والمشهورة في أفغانستان لينجب ابناً ذكراً. وكنتُ أنا وشقيقي «تاج محمد خان» ثمرة هذا الزواج. ولقد وُلدت سنة 1881.

وبعد وصول الأمير عبد الرحمن خان من روسيا ليتولى عرش كابول، ألقى القبض على ستة رجال من قادة بلادنا وأرسلهم إلى جهة غير معروفة، ثم قتلهم بعد ذلك. وكان والدي أحد هؤلاء الستة. فكانت تلك كارثة حلَّت بنا، سرعان ما تبعتها كارثة أخرى، فقد أُلقي القبض على اثنين من أخوالي سُجنا في كابول، ثم استُبعدا إلى الهند. وبعد ذلك سمح الأمير لخالي الثالث أن يترك البلاد مع أمه وخَدَمه ليسافروا إلى الهند. بينما بقيت بقية العائلة في كابول.

وعندما وصلوا إلى الهند استقروا في «حسن عبدل». وواجهت بقية العائلة في كابول مصاعب سياسية، فانتقلت كلها لتقيم في «حسن عبدل». وهناك ماتت أمي. بعد ذلك تم الصلح بين عائلتي والأمير عبد الرحمن خان، فرجعنا كلنا إلى بلدنا الأصلي.

سافرت بعد ذلك إلى «دلهي» ودخلت مدرسة إسلامية لأتقن اللغة العربية، وكان رئيس المدرسة مولانا عبد الجليل، وهو باتهاني (أفغاني مقيم بالهند)، والثاني كان مولانا فاتح محمد خان من قندهار. وبمساعدة هذين السيدين الكريمين أكملتُ دراسة علم الكلام، ثم أقبلتُ على دراسة الأحاديث والتفاسير. وكنت أثناء النهار أدرس مع زملائي، وفي الأمسيات أتلقَّى دراسات خاصة على يدي السيد عبد الجليل. وبفضلٍ من الله امتلكت ناصية العلوم التي كنت أود أن أدرسها.

المواجهة الأولى مع المسيحيين

وذات يوم في طريق عودتي مع بعض أصدقائي من نزهة، مررت بجماعة كبيرة من الناس مجتمعة على مقربة من مدرستنا. وعندما اقتربت منهم سمعت حواراً يدور عن عقيدة التثليث بين واعظ مسيحي وبعض تلاميذ مدرستنا. وكان الواعظ يحاول أن يبرهن عقيدته في الثالوث من قول القرآن «ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» (ق 16). فقال: إن كلمة «نحن» بصيغة الجمع تدل على أن وحدانية الله وحدانية مركبة، لا وحدانية بسيطة. ولو كانت وحدانية الله بسيطة لقال «أنا». ولم يقدر تلاميذ مدرستنا أن يجاوبوه. فطلب أصدقائي مني أن أردّ، فتدخلت وقلت: «إن كلمة نحن بصيغة الجمع تدل على الجلال والعظمة». وكانت تلك أوَّل فرصة لي ألتقي فيها مع مسيحي في دائرة الجدال والمناظرة. ووُلدت داخلي في ذلك اليوم رغبة في مجادلة المسيحيين. وبدأت أجمع الكتب التي تهاجم المسيحية، ودرستها بدقة، ثم أخذت أذهب في أيام معيَّنة إلى مكان الحوار لمناقشة الوعَّاظ المسيحيين.

وذات يوم أعطاني أحد الوعاظ عنوانه وطلب مني أن أزوره في بيته مع أي عدد من أصدقائي، فاصطحبت ثلاثة منهم وذهبت إلى بيته، فكان صدوقاً ولطيفاً. وأثناء احتسائنا الشاي دارت بيننا مناقشة جذابة حول الدين. فسألني: «هل قرأت الكتاب المقدس؟» فجاوبته: «لماذا أقرأ كتاباً تحرَّف، ولا زلتم تغيِّرون فيه كل سنة؟» فظهرت على وجه القسيس علامات أسى وقال بابتسامة باهتة: «هل تظن أن كل المسيحيين خوَنة؟ هل تظن أن مخافة الله ناقصة عندنا حتى أننا نخدع العالم بتغيير كتابنا المقدس؟ إن المسلمين وهم يتهمون المسيحيين بتحريف كتابهم إنما يتهمونهم بعدم الأمانة والخداع، وهذه اتهامات شنيعة! إن المسيحيين يؤمنون أن الكتاب المقدس هو كلمة الله، كما يؤمن المسلمون بالقرآن. فإن لم يكن هناك مسلم يغيّر كتابه بسبب حبه له، فهل تظن أن المسيحيين يغيّرون الكتاب الذي أعطاه لهم الله كلي الحكمة؟ ولو افترضنا أن مسلماً مخادعاً جرؤ على أن يغيِّر آية من القرآن. ألا تظن أن سائر المسلمين يلومونه ويفضحون فعلته الشنيعة؟ هذا ما سيفعله بقية المسيحيين الذين يحبون كتابهم من كل قلبهم لو أن أحداً تجرأ أن يجري فيه تغييراً. وأؤكد لك أن كل مسيحي يحب كتابه سيهبُّ للدفاع عنه وفَضْح الذي يريد أن يغيّره. ومن هذا ترى أن اتهام المسلمين للمسيحيين بأنهم غيَّروا كتابهم اتهام لا يقوم على دليل. وأعتقد أن المسلمين الذين يتهموننا بتغيير كتابنا المقدس يجهلون كتابنا كما يجهلون إيماننا وعقائدنا».

ثم قدم لي القسيس نسختين من الكتاب المقدس، إحداهما باللغة الفارسية والأخرى باللغة العربية، وطلب مني أن أقرأهما. فشكرناه وخرجنا من بيته. ولم أُعر ما قاله القسيس التفاتاً، ولا فتحت أيّاً من الكتابين اللذين أعطاهما لي، فقد كانت كل رغبتي قراءة أجزاء معيّنة فقط من الكتاب المقدس بهدف اكتشاف الأخطاء التي أشار إليها أصحاب الكتب التي تهاجم الكتاب المقدس. ولم أجد عندي حاجة لأقرأه كله، وصرفت مدة إقامتي في دلهي أجادل المسيحيين وأهاجمهم.

دراسات أعمق

واستقر عزمي على أن أسافر إلى بومباي، حيث كان لي حظ مقابلة مولانا هدايات الله. وكان محترماً في كل المنطقة كرجل متفقّه في علوم الدين بدرجة عظيمة. وكان أصلاً من كابول ويعرف عائلتي. وعندما عرفني وعد أن يقدم لي كل معونة ممكنة، ونصحني أن أدرس الأدب، وسمح لي أن استخدم مكتبته العظيمة، فبدأت أدرس تحت إرشاده. وكان قد تعلم في القسطنطينية والقاهرة والجزيرة العربية، وكان عظيم المعرفة وأعطاني دروساً في الفارسية.

وجاء في ذلك الوقت أستاذ عظيم وعالم جليل في الفلسفة والمنطق من مصر، هو مولانا عبد الأحد، وهو أصلاً من منطقة جلال أباد في أفغانستان. والتحقت بالمدرسة التي يدرّس فيها، وتلقَّيت العلم على يديه. ولقد عاملني كابن له، وأعطاني غرفة قريبة من غرفته لأكون قريباً منه، فأحصل على نصائحه وتعاليمه في أي وقت أشاء.

مزيد من الجدل مع المسيحيين

ذات يوم كنت أتمشى مع بعض أصدقائي الطلاب عندما وجدت بعض الوعاظ المسيحيين يخاطبون الناس، فتذكرت ما حدث معي في دلهي، واتجهت بعزم نحوهم فشدَّني أحد زملائي وقال لي: «لا تُلْقِ انتباهاً لمثل هؤلاء الناس، ولا تضيّع الوقت وأنت تجادلهم. إنهم يجهلون البحث ولا يعرفون أصول المناظرة. إن كل ما يدفعهم إلى عملهم هو الأجر الذي يتقاضونه. فلا فائدة من الحوار معهم». فأجبته: «أعرف أن هؤلاء الناس قد لا يعرفون أسلوب الجدل، لكنهم يعرفون كيف يضللون الناس. ومن واجبنا نحن المسلمين الصادقين أن ننقذ إخوتنا المسلمين البسطاء من مكرهم وخداعهم». واتجهت فوراً نحوهم، وأثرت مجموعة نقاط هجوماً على المسيحية، فأجابوني بكثير من التوضيح. واضطررنا أن نوقف الجدل بسبب ضيق الوقت. وانتشر خبر حواري مع القسيس بين طلبة المدرسة، فامتلأوا بالغيرة والحماسة، وأقبلوا على الجدال. فكنا نذهب مرتين أسبوعياً لنجادل المسيحيين. وقال لنا أحد القسوس إن المكان الذي نلتقي فيه للحوار بعيد علينا، واقترح أن يستأجر غرفة قريبة من المدرسة تكون مكان لقاء وحوار يستمر. فقبلتُ هذا العَرْض، وكنا نلتقي معه في تلك الغرفة في أوقات يحددها من قبل.

ولما وجدت أن زملائي التلاميذ لا يعرفون الديانة المسيحية، وغير مختبرين في فن الحوار، نصحني مولانا «عباس خان صاحب» أن أستأجر بيتاً نتحاور فيه، ففعلت ذلك، وكوَّنتُ جماعة «ندوة المتكلمين» وكان هدفنا أن ندرّب الدُّعاة الإسلاميين ليحاوروا المسيحيين ويخرسوهم.

ولما وجد أستاذي أن كل اهتمامي موجّهٌ للجدال والمناظرة، جاء إلى غرفتي بعد صلاة المغرب فوجدني أقرأ الإنجيل. فقال بغضب: «أخشى أن تصبح مسيحياً». فضايقني تعليقه، ولم أشأ أن أسيء إليه، ولكني وجدت نفسي أقول له: «هل يمكن أن شخصاً مثلي يجادل المسيحيين كل هذا الجدل يصبح مسيحياً؟ وهل قراءة الإنجيل تصيِّر الإنسان مسيحياً؟ إنني أدرسه لأدمّر المسيحية من أساسها، وليس لأصير أنا مسيحياً. كنت أظنك تشجعني على أن أجد الأخطاء في هذا الكتاب». فقال: «إنني أقول لك هذا لأنني سمعت أن الذي يقرأ الإنجيل يصبح مسيحياً. ألم تسمع الكلمة الحكيمة من شاعرنا الذي قال: الذي يقرأ الإنجيل يتحول قلبه عن الإسلام؟» فقلت له: «هذه معلومة خاطئة». ولما لم أقبل نصحه تركني ومضى.

الحج إلى مكة

استمر جدلي مع المسيحيين عدة سنوات، ثم خطر لي خاطر ألحَّ عليَّ: أن أحج إلى مكة. فجهزت نفسي وسافرت إلى هناك. ومن مكة كتبت رسائل إلى مولانا حسام الدين محرر مجلة «كشف الحقائق». وفي يوم الحج لبست ملابس الأحرام وسرت نحو عرفات. وفي ذلك اليوم رأيت منظراً رائعاً. رأيت الفقراء والأغنياء، العال والدون، جميعاً يلبسون الزي الأبيض نفسه، وكأن موتى القبور قد بُعثوا من قبورهم ليقدموا حساباً عن عملهم. وسالت الدموع من عينيَّ. ولكن طرأ خاطر قوي على فكري: لو أن الإسلام لم يكن الدين الصحيح، فماذا تكون حالتي في اليوم الآخِر؟ فدعوت الله: «اللهم أرني الحق حقاً وارزقني اتِّباعه، وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه. يا مُثبت القلوب ثبت قلبي على الإسلام إن كان حقاً وصدقاً، ولا تُزلّ قدمي بعد ثبوتها. وإن كان باطلاً فاصرفني عنه. إلهي هذا قلبي بين يديك خالصاً لوجهك الكريم، فوفّقْهُ لما تحبّه وترضاه. إنك نعم المولى ونعم المجيب».

وبعد زيارة قصيرة للمدينة رجعت إلى بومباي. وأثناء غيابي توقفت «ندوة المتكلمين». فأسست جماعة أخرى اختاروني رئيساً لها، كما اختاروا عبد الرؤوف ليكون سكرتيراً فكنا نجتمع قريباً من منزله. ورتبنا أن ندعو أسبوعياً شخصاً غير مسلم ليخاطبنا ثم يجاوب واحد منا على ما أثاره الضيف المسيحي. واعتاد رجل الدين المسيحي مونشي منصور مسيح أن يجئ إلينا بانتظام.

موضوع أساسي

وذات يوم كلّمنا مونشي منصور مسيح عن أن الإسلام لا يقدم طريقاً للخلاص. وطلب أعضاء جمعيتنا مني أن أردّ عليه، فحاولت بكل طاقتي أن أبرهن أن في الإسلام طريقاً أكيداً للخلاص. وفرح الحاضرون بكلامي، ولكنني علمت في أعماقي أن ما قلته ليس مقنعاً. وأثناء حديثي كنت أحس أن ما أقوله ضعيف بالرغم من أن صوتي كان أعلى من صوت مناظري! غير أن صوت مناظري الرقيق كان يرنّ كالرعد في أعماق نفسي بقوة غير عادية. وانتهت المناقشة في الحادية عشرة قبل منتصف الليل. فعدت إلى بيتي أفكر فيما قاله مونشي منصور مسيح. وكلما فكرت أدركت أن خلاص النفس من براثن الخطية هو أهم هدف لأي دين، بل هو الأساس الحقيقي للدين. وبدونه لا يكون الدين ديناً قيِّماً.

ولقد تذكرت أن كل الأديان تعلّم أن الإنسان ظلوم كفَّار، جاحد، نفسه أمّارة بالسوء. ولن تجد إنساناً يعيش حياة طاهرة دون أن تلطخها الخطية، فالخطية هي الطبيعة الثانية للإنسان حتى أننا نقول: إن الخطأ شيمة البشر. والسؤال الأساسي هو: كيف ننجو من عقوبة خطايانا؟ كيف نجد خلاص نفوسنا؟ ماذا يقول الإسلام لنا؟ وما هي رسالة المسيحية في هذا الموضوع؟ ولقد وجدت أن واجبي الأول هو دراسة وبحث هذا الموضوع الهام بكل أمانة وبغير تحيُّز. فإذا وجدت أن الخلاص في الإسلام شكرت الله على ذلك، وكم ستكون حالتي سعيدة! وإن لم أجد الخلاص في الإسلام، فعليَّ أن أفتش على خطة الله للخلاص الذي يمكن أن يشبع قلبي. وعندما وصلت إلى هذا القرار ركعت على ركبتيَّ في دعاء إلى الله وأنا أبكي قائلاً: «لن أقرأ الكتاب المقدس كما سبق لي أن قرأته، لكنني سأقرأه كخاطئ عاجز، يحاول أن يجد طريق الخلاص».

رغبتي في الخلاص

منذ ذلك اليوم تبدّل موقفي وصرت باحثاً مخلصاً وراء الحق، فبدأت أدرس الكتاب المقدس والقرآن دراسة مقارنة. ولأُرضي ضميري أخذت نسخة من كتاب «الأفستا» من صديق فارسي، كما اشتريت نسخة من ساتيارث براكاش، وبدأت أقارن كل هذه الكتب معاً. بعد قراءة «الأفستا» بعناية تحدثت مع علماء فارسيين، ولكني لم أجد عندهم طريقاً معقولاً محدداً للخلاص. فاتجهت بعد ذلك لدارسة «الساتيارث براكاش» كما كتبها «سوامي دايانايد سارسناتي» الذي يُعتبر المرجع الأساسي لعقائد «أريا ساماج» وفتشت على ضالتي المنشودة. ولكنني وجدت عقائد غريبة أوقفت شعر رأسي، إذ وجدت أن الله لا يمكن أن يغفر الخطية. واستغربت كيف ينضم الناس إلى «الأريا ساماج» بينما لا تقدم لهم أي أمل للخلاص، فتعاليم أريا ساماج تقول إن الله لا يمكن أن يغفر خطايا الإنسان التي ارتكبها قبل اعتناقه الأريا ساماج ولا بعد ذلك، ولا مفرَّ من العقوبة. كما أنني اكتشفت أن الأريا ساماج تعتبر الخلاص أمراً مؤقتاً لا يمكن أن يضمنه الإنسان. ولما كان الخلاص مؤقتاً فإن الإنسان يعيش في خوف مستمر من رفض الإله له. إذاً ليس عندهم خلاص لشخص مثلي. فتوقفت عن دراسة «الساتيارث».

وكانت أثقل مسئولية تعرضت لها أن أدرس القرآن والحديث لأجد طريق الخلاص. ورفعت يديَّ إلى الله في دعاء: «اللهم، إنك تعلم أني بك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، فاغفر لي وارحمني يا أرحم الراحمين، وأنر قلبي بنورك الذي لا ينطفىء، واهدني صراطك المستقيم. اللهم إن أحييتني فأحيني وأنت راضٍ عني، وإن توفَّيتني فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت».

ولم أجد في دارستي للقرآن جديداً، لأني درسته من قبل دراسة وافية، وعرفت أن الحصول على الخلاص متوقف على العمل الصالح الذي يؤديه الإنسان. ووجدت عدة آيات تعلن هذه الفكرة، أقتبس للقارئ الكريم أربع آيات منها:

«أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَى نَزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ» (السجدة 32: 19، 20).

«فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَراً يَرَهُ» (الزلزلة 99: 7، 8).

وعندما نلقي النظرة الأولى على هذه الآيات نكتشف أنها جميلة ومشجعة، ولكنها أثارت داخلي سؤالاً: هل يمكن أن يعمل الإنسان الخير دون الشر؟ وعندما فكرت في شهوات الإنسان ورغباته اتضح لي أنه من المستحيل أن يعمل الإنسان الخير وحده، ولا يمكن أن يكون عمله دائماً عملاً صالحاً فقط. ولقد قال رجال الفلسفة العرب إن هناك أربع ملكات عقلية للإنسان وراء كل أفعاله، ثلاث منها تقوم ضد صالح الإنسان الديني، وواحدة فقط (هي القدرة الملائكية) التي توجّه الإنسان نحو الله وتعاونه على طاعة أوامره. ولو أن تأثير هذه مخفيّ عن عين الإنسان. أما الثلاثة الأخرى التي تقاوم اتجاه الإنسان إلى الله فهي واضحة، ويسعد الإنسان بها. ولما كان الإنسان لا يرى إلا ما يطفو على السطح، ولا يهتم إلا بالحاضر، ويوجّه انتباهه إلى الأمور الأرضية أكثر من اهتمامه بالأمور الدينية، فقد كتب أحد المسلمين البارزين يقول: «إنني واقع في شَرَك أربعة أشياء تسبّب سيطرتُها عليَّ كل بؤسي وآلامي، هي: الشيطان والعالم والشهوة والجشع. فكيف أحرر نفسي منها، وكلها عدوتي؟ إن الشهوات الشريرة تدمّرني وتلقيني في ظلمة يأس من الحسِّيات والملذات».

أما الملكات العقلية الثلاث السيئة فقد سيطرت على الملائكة وعلى آدم حتى وقتنا الحاضر كما يقول الحديث التالي: «روي عن أبي هريرة قال محمد: لما خلق الله سبحانه وتعالى آدم مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان وبيصاً من نور. ثم عرضهم على آدم، فقال آدم: أي رب، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك. فرأى رجلاً منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه. فقال: يا رب، من هذا؟ قال داود. قال: كم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة. قال: يا رب زِدْه من عمري أربعين سنة. قال محمد: فلما انقضى عمر آدم إلا أربعين جاءه ملك الموت، فقال آدم: أَوَلم يَبْقَ من عمري أربعون سنة؟ قال: أَوَلَم تعطها ابنك داود؟ فجحد آدم فجحدت ذريته، ونسي آدم فأكل من الشجرة فنسيت ذريته. وخطئ آدم فخطئت ذريته» (أخرجه الترمذي وغيره).

ومن هذا الحديث نرى بوضوح أن كل أبناء آدم خطاة، لأن خطية آدم دخلتهم جميعاً بمن فيهم الأولياء والأتقياء. وهكذا اعترف آدم وحواء: «قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ» (الأعراف 7: 23). ويقول النبي إبراهيم: «رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ٱلْحِسَابُ» (إبراهيم 14: 41).

وعن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلعم يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتة. فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! إسكاتك بين التكبير وبين القراءة ما تقول؟ قال: «أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدتَ بين المشرق والمغرب. اللهم نقّني من الخطايا كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس. اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد» متفق عليه (مشكاة المصابيح تحقيق الألباني حديث 812).

وعن أبي موسى الأشعري، عن النبي صلعم: أنه كان يدعو بهذا الدعاء: «اللهم اغفر لي خطيئتي، وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني. اللهم اغفر لي جدّي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي. اللهم اغفر لي ما قدمتُ وما أخرت، وما أسررتُ به وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني. أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر، وأنت على كل شيء قدير». متفق عليه (مشكاة المصابيح، تحقيق الألباني حديث 2482).

ويقول القرآن عن خطية الإنسان: «إِنَّ ٱلإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ» (العاديات 100: 6 ، 7).

وفي أثناء هذا البحث واجهتني هذه الحقيقة العظيمة: إن النبي عيسى إنسان. ويعزو القرآن الخطأ إلى كل الأنبياء، ولكنه لا يسجّل للمسيح خطأً واحداً. وسألتُ نفسي: لماذا؟ واتجهت بفكري إلى الإنجيل فوجدت أمامي قول المسيح: «مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟» (يوحنا 8: 46). ويقول الإنجيل عن المسيح: «لأَنَّهُ جَعَلَ ٱلَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ ٱللّٰهِ فِيه» (2 كورنثوس 5: 21). ويقول أيضاً: «لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ» (عبرانيين 4: 15). ويقول أيضاً: «ٱلَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ» (1بطرس 2: 22). ويقول: «وَتَعْلَمُونَ أَنَّ ذَاكَ أُظْهِرَ لِكَيْ يَرْفَعَ خَطَايَانَا، وَلَيْسَ فِيهِ خَطِيَّةٌ» (1يوحنا 3: 5).

وهكذا نرى أن عندنا برهاناً أكيداً أن كل البشر خطاة ما عدا المسيح. فكيف أتمكن من الحصول على الخلاص بأعمالي الصالحة، بينما الأولياء والأتقياء والفلاسفة قد فشلوا في أن يعملوا الصلاح فقط. فاتجهت إلى القرآن أفحص تعاليمه مرة أخرى. ووجدتُ آيتين قرآنيتين أصابتاني باليأس: «وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْا وَنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً» (مريم 19: 71، 72). ولا يستطيع أحد أن يتخيل مقدار الرعب الذي وقعت فيه بعد قراءة هاتين الآيتين. لقد كنت مريضاً أستشير القرآن كطبيب يقدم لي العلاج، ولكنه بدلاً من ذلك قال لي: «كل واحد لا بد أن يدخل الجحيم، وهذا واجب حتمي على الله!».

ولكن محبتي للإسلام وتعلّقي به منعاني من أن أتخذ قراراً سريعاً في هذا الموضوع. وأردت أن أستشير التفاسير على هذه الآية وما يقوله الحديث عنها، لأفهم ما قاله نبي الإسلام نفسه عن هذا الموضوع. وبعد بحث كثير وجدت في مسند الدرامي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلعم: «يَرِدُ الناسُ النارَ ثم يصدرون منها بأعمالهم فمنهم كلمح البصر، ثم كالريح، ثم كحُضْر الفرس، ثم كالراكب المجِدّ في رَحْله، ثم كشدّ الرجل في مشيته» (عن تفسير القرطبي لسورة مريم 71 ، 72). وفي تفسير الطبري على مريم 71 ، 72 وجدت التالي: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن مالك بن مغول، عن أبي إسحاق، قال: كان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه، قال: يا ليت أمي لم تلدني. فقيل: وما يبكيك يا أبا ميسرة؟ قال: «أخبرنا أنّا واردوها، ولم يُخبرنا أنّا صادرون عنها».

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن إسماعيل، عن قيس، قال: بكى عبد الله بن رواحة في مرضه، فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيتُ. قال ابن رواحة: «إني قد علمت أني وارد النار فما أدري أناجٍ منها أنا أم لا».

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: كان عبد الله بن رواحة واضعٌ رأسه في حجر امرأته، فبكى، فبكت امرأته، قال: ما يبكيكِ؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيتُ. قال: إني ذكرت قول الله «وإن منكم إلا واردها» فلا أدري أنجو منها، أم لا؟ (تفسير الطبري مريم: 71).

لقد اتضح لي معنى الآية إذاً. لا بد أن كل شخص يدخل النار ثم يخرج منها حسب أعماله. ومع أن معنى الآية واضح للغاية في القرآن، إلا أني أردت أن أُسند المعنى في ذهني بأقوال نبي الإسلام نفسه. وبالرغم من أنه كان يمكنني أن أتوقف عن البحث عند هذه النقطة، إلا أني قررت أن أستمر في الدراسة. وبعد بحث وصلت إلى هاتين الآيتين: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ» (هود 11: 118 ، 119).

ولقد صدمتني قراءة هاتين الآيتين صدمة عنيفة حتى أني أغلقت القرآن وغبت مع أفكاري وقتاً طويلاً. وحتى عندما نمت لم أجد راحة، لأن أفكاري أصبحت كوابيس. كان صعباً عليَّ للغاية أن أهجر إيمان آبائي، فقد كان موتي أهون عليَّ من ذلك. وحاولت أن أجد طريقة تمنعني من التفكير في هذا الموضوع، وتبعدني عن مواجهة المشكلة، حتى لا أترك دين أبائي. فأخذت أفتش من جديد في الحديث. ولم يكن هذا الأمر سهلاً، لأن الأحاديث كثيرة وفي مجلدات كبيرة. ولكني قررت أن أستمر في الدراسة معتمداً على معونة الله.

ولقد وجدت أن الأحاديث تحدد ثلاث طرقٍ لنوال الخلاص:

أولاً - الخلاص بالعمل

1 - لا توجد أيَّة علاقة بين أعمال الإنسان وبين خلاصه. فحتى أشرّ الخطاة الذي قضى حياته في المعاصي والكبائر يمكن أن يدخل الجنة. بينما يمكن أن أفضل الناس على الإطلاق، والذي صرف حياته في العمل الصالح يدخل النار. وإليك الحديث التالي: عن أنس: أن النبي صلعم ومعاذٌ رديفُه على الرحل قال: «يا معاذ!» قال: لبيك يا رسول الله وسعديْك. قال: «يا معاذ!» قال: لبيك يا رسول الله وسعديْك قال: «يا معاذ!» قال: لبيك يا رسول الله وسعديْك، - ثلاثاً - قال: قال: «ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، صدقاً من قلبه إلا حرَّمه الله على النار». قال: يا رسول الله! أفلا أخبر به الناس فيستبشروا؟ قال: «إذاً يتكلوا». فأخبر بها معاذ عند موته تأثماً. متفق عليه (مشكاة المصابيح حديث 25 تحقيق الألباني).

ولقد وجدت حديثاً آخر يؤيد نفس الفكرة مرويٌّ عن أبي ذر، يؤكد أن لا صلة بين عمل الإنسان وخلاص نفسه. فحتى الزاني والسارق يمكن أن يجدا مكاناً في حياة النعيم إذا ردّدا الشهادة.

عن أبي ذر قال: أتيت النبي صلعم وعليه ثوب أبيض، وهو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ، فقال: «ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك، إلا دخل الجنة» قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: «وإن زنى وإن سرق». قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: «وإن زنى وإن سرق». قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: «وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر». وكان أبو ذر إذا حدَّث بهذا قال: «وإن رَغِمَ أنفُ أبي ذر». متفق عليه. (مشكاة المصابيح حديث 26 تحقيق الألباني).

وقد وجدت حديثاً آخر شجعني، لأن تكرار عبارة يمكن أن ينجي الإنسان من الهلاك ويهبه الحياة الأبدية.

عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلعم: «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وابنُ أَمَتِه وكلمتُه ألقاها إلى مريم، وروحٌ منه، والجنةَ والنارَ حق، أدخله الله الجنةَ على ما كان من العمل». متفق عليه (مشكاة المصابيح حديث 27 تحقيق الألباني).

وروى أبو نعيم من حديث أبي الزبير عن جابر قال: «سمعت رسول الله صلعم يقول: لا يُدخِلُ أحداً منكم الجنة عملُهُ، ولا يجيرُه من النار، ولا أنا، إلا بتوحيد من الله تعالى». إسناده على شرط مسلم وأصل الحديث في الصحيح (حادي الأرواح لابن قيم الجوزية ف 19).

وعندما قرأت هذه الأحاديث تبادر إلى ذهني سؤال: هل من العدل أن إنساناً قضى حياته في المعاصي والكبائر، ولم يفكر في عمل أي خير يدخل الجنة، بينما يمضي آخَرُ إلى النار رغم أنه قضى حياته كلَّها في عمل الخير؟ وأثناء قرائتي وجدت الحديث التالي الذي يجعل دخول الجنة أو النار تبعاً لما قُدِّر على الإنسان:

حدَّثنا رسول الله (صلعم): «إنّ خَلْقَ أحدِكم يُجْمَع في بطن أمه أربعين يوماً، وأربعين ليلةً - أو أربعين ليلة، ثم يكون عَلَقَة مثله، ثم يكون مُضْغةً مثله، ثم يَبْعَث الله إليه المَلَكَ، فيُؤْذَنُ بأربع كلمات: فيكتُبُ رزقَهُ وأجَلَه، وعمله، وشقىٌّ أو سعيدٌ، ثم ينفخ فيه الروح، فإنّ أحدكم ليعمل بعَمَلِ أهلِ الجنة، حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيسبِقُ عليه الكتابُ، فيعمل بعمل أهلِ النار، فيدخُلُ النارَ. وإنَّ أحدكم ليعمَلُ بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيَسْبِقُ عليه الكتابُ، فيعملُ عَمَلَ أهلِ الجنَّة فيدخُلُها» (الأحاديث القدسية حديث 100) - رواه البخاري في باب بدء الخلق ج 4 ، وباب القدر ج 8 ، وكتاب التوحيد ج 9.

ثانياً - الخلاص بالرحمة وحدها

2 - ووجدت أحاديث أخرى تقول إن خلاص نفس الإنسان يتوقف على رحمة الله وحدها، حتى أن نبي الإسلام يطلب رحمة الله، شأنه شأن أي إنسان آخر. ولا يمكن أن نبي الإسلام يخلص من خطاياه ما لم تتداركه رحمة الله وتتغمده. فيقول حديث عن عائشة، قالت: يا رسول الله! ما من أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالى؟ فقال: «ما من أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالى» ثلاثاً. قلتُ: ولا أنت يا رسول الله!؟ فوضع يده على هامته فقال: «ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته» يقولها ثلاث مرات. رواه البيهقي في «الدعوات الكبيرات» (مشكاة المصابيح حديث 1305 تحقيق الألباني).

ولقد تعلمت من هذا أنه لا يمكن لإنسان أن يحصل على الخلاص إلا إذا تغمده الله برحمته، فطمأنني هذا الفكر. لكنني عدت أتساءل: إن كان الله رحيماً، فإنه أيضاً عادل. فإذا غفر الله خطاياي برحمته وحدها فإنه بهذا يوقف عمل عدالته. وهذا يعني وقف عمل صفة من صفات الله سبحانه. ولا شك أن هذا يُنقص من عظمة الله وكمالاته.

ثالثاً - علاقة محمد بالخلاص

3 - أما الحقيقة الثالثة التي وصلت إليها من «الحديث» فهي أن نبي الإسلام لا يستطيع أن يخلّص أي إنسان، حتى ابنته فاطمة أو أهل بيته. وعلى هذا فقد وجدت أن شفاعة محمد في المؤمنين لا أساس لها، رغم أني لوقت طويل كنت أؤمن أنها صحيحة. لقد قرأت الحديث التالي من البخاري:

من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلعم حين أُنزل عليه «وأنذر عشيرتك الأقربين»: «يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم من الله لا أُغْني عنكم من الله شيئاً. يا بني عبد المطلب لا أُغْني عنكم من الله شيئاً. يا عباس بن عبد المطلب، لا أُغْني عنك من الله شيئاً. يا صفية عمة رسول الله، لا أُغْني عنكِ من الله شيئاً. يا فاطمة بنت محمد سليني ما شئتِ لا أُغني عنك من الله شيئاً» (عن تفسير الطبري للشعراء 214).

وهكذا وبعد دراسة ممتدة عميقة في الأحاديث لم يبق لي جديد اكتشفه، فقد عرفت كل ما يمكن أن يُعرف. وهكذا أغلقت كتب الحديث. ورفعت قلبي إلى الله أدعوه: «إلهي، يا من تعلم السر وأخفى. منك المبدأ وإليك المنتهى. أشكو إليك ضعف قوتي وقلّة حيلتي، وحيرة قلبي، وزيغة عقلي، ووهن جسدي. اللهم، اهْدِ قلبي لدينك القويم وصراطك المستقيم، وافتح لي أبواب رحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم، إني اسألك بكل اسم هو لك سَمَّيْتَ به نفسك أو علَّمته أحداً من خَلْقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تبدّل خوفي أمناً، وحيرتي حقاً ويقيناً. اللهم، هذا جهدي وما أملك، فاجعل منه حقاً أنتهي إليه ويقيناً أحيا به وأموت عليه. إنك سميع مجيب الدعوات».

طريق المسيحية للخلاص

وفي هذه الحالة اليائسة بدأت اقرأ الإنجيل المقدس، وأنا أرجو أن أصلح الكثير من أخطائي. فقرأت قول المسيح: «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» (متّى 11: 28). ولا أستطيع أن أصف مقدار فرحي بهذه الآية. لم أكن أفتش عنها قصداً، كما أني متأكد أني لم أرها بالصدفة، لكن الله هو الذي أعطاها لي إجابة لصلاتي وبحثي وتفتيشي عن الحق. كانت هذه الآية بالنسبة لي أنا الخاطئ إعلاناً بأخبار مُفرحة. لقد تركت الآية تأثيرها العظيم على نفسي فمنحتني السلام والراحة والفرح، وضاع مني فوراً كل إحساس بالضياع والقلق. إن المسيح يقول: «أنا أريحكم» هذا يعني أن الخلاص متوقف عليه. إنه لا يشير إلى طريق نسلكه لنجد الراحة، لكنه هو نفسه الطريق، ثم قرأت بعد ذلك قوله: «أَنَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى ٱلآبِ إِلاَّ بِي» (يوحنا 14: 6).

ولكن سرعان ما داهم عقلي سؤال: هل يمكن أن يضع الإنسان ثقته في هذا الوعد الضخم من المسيح. وجاوبت: إن الإنسان يمكن أن يجد راحته في هذه الكلمات، لأن المسيح في نظر المسلمين كامل بلا خطية «وجيه في الدنيا والآخرة» وهو «كلمة الله وروح منه». وهذه كلها تعلن كمال المسيح. ثم أن المسيحيين يقولون إنه الإله الكامل، والإنسان الكامل الذي خلت حياته من كل خطأ ورغبات أرضية. ولذلك فإن المسيح العظيم الكامل في نظر المسيحيين والمسلمين لا بد يمتلك من الإمكانيات ما يجعله قادراً على تحقيق وعده بالراحة لكل من يأتي إليه.

ثم بدأت أفكر في مواعيد المسيح لي بالخلاص، فوجدت قول المسيح: «ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ» (متّى 20: 28). وعندما قرأت هذه الآية اكتشفت أن المسيح يقدم للإنسان خلاصه، فقد بذل المسيح نفسه عن الخطاة، وهو الطريق العجيب الذي لا يمكن للعالم كله أن يقدم نظيراً له. ولقد أسس كثيرٌ من البشر دياناتٍ في عالمنا، ولكن لم يقل واحد منهم إن موته سيكون سبب غفران الخطايا. المسيح وحده هو الذي قال عن نفسه هذه الكلمات، وحققها فعلاً.

وعندما وصلت إلى هذه النتيجة امتلأت نفسي بالابتهاج الفائق الحدّ. وتركتْ صورة المسيح ومحبته في قلبي تأثيراً بالغاً. وعندما كنتُ منتشياً بهذه الفرحة السماوية، داهم عقلي سؤال: ولكن ما هي الحاجة إلى كفارة المسيح وتضحيته؟ ألم يكن ممكناً أن يقدم الخلاص دون أن يموت؟ وجعلت أفكر في هذا السؤال الجديد ووجدت له الإجابة. إن الله رحيم وعادل. فلو أن المسيح وعدنا بالخلاص دون أن يبذل نفسه عنا، فإن مطالب الرحمة تكون قد وُفّيت تماماً. لكن إن كان الله يريد أن يوفّي مطالب عدله، فلا بد أن يكون المسيح كفارة عن كثيرين بدمه. وهكذا بيَّن الله محبته لنا. ثم وجدت في الإنجيل هذا القول العظيم: «لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا ٱللّٰهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ٱبْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا» (1يوحنا 4: 10).

وظللت أفتش وأبحث في العهد الجديد. قرأته عدة مرات من أوله إلى آخره، فوجدت مئات الآيات وعشرات الأمثال التي تبرهن بغير ظلال من شك أن الخلاص موجود في الإيمان بالسيد المسيح، وهذا الخلاص يجب أن يكون هدف كل ديانة. فالإنجيل يقول: «وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا يَقُولُهُ ٱلنَّامُوسُ فَهُوَ يُكَلِّمُ بِهِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّامُوسِ، لِكَيْ يَسْتَدَّ كُلُّ فَمٍ، وَيَصِيرَ كُلُّ ٱلْعَالَمِ تَحْتَ قِصَاصٍ مِنَ ٱللّٰهِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ ٱلنَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِٱلنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ ٱلْخَطِيَّةِ. وَأَمَّا ٱلآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ ٱللّٰهِ بِدُونِ ٱلنَّامُوسِ، مَشْهُوداً لَهُ مِنَ ٱلنَّامُوسِ وَٱلأَنْبِيَاءِ، بِرُّ ٱللّٰهِ بِٱلإِيمَانِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. إِذِ ٱلْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ ٱللّٰهِ، مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِٱلْفِدَاءِ ٱلَّذِي بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي قَدَّمَهُ ٱللّٰهُ كَفَّارَةً بِٱلإِيمَانِ بِدَمِهِ» (رومية 3: 19 - 25).

قراري واعترافي

بناءً على ذلك، وبعد أن أكملت تفتيشي وبحثي كما وصفته هنا، وصلت إلى نتيجة أني يجب أن أعلن مسيحيتي. ووجدت أنه من واجبي أن أعرّف الجمعية التي أنتمي إليها بما وصلت إليه، ليفكروا فيه، ثم أكون حراً في متابعة دارساتي علناً، فذهبت إلى الاجتماع كالعادة. وكان موعد مونشي منصور مسيح ليتكلم. ولكني قاطعته قائلاً: «في هذه المناسبة يجب أن أبدأ أنا بالكلام ضد الإسلام». ثم بدأت أعلن نتيجة دراسة السنوات التي قضيتها في البحث.

واندهش المسئولون عن الجميعة من كلماتي، ولكنهم كانوا ينتظرون أن أنفي كل ما بدأتُ بقوله. وعندما انتهيت من الكلام وجلستُ وقف نائب الرئيس وقال: «نرجو أن الرئيس نفسه يهدم ما قاله ويصحح الأخطاء التي قدمها في حديثه». فوقفت مرة أخرى وقلت: «أرجو أن تستمعوا إليَّ يا أصدقائي، فإن ما وضَّحته ليس شيئاً سطحياً، ولا مُختلقاً، ولكنه قرار أكيد وقاطع، بنيته على سنوات من البحث. ولأكون واضحاً فلقد بدأ بحثي في ذلك اليوم الذي قال فيه السيد مونشي منصور مسيح إننا يجب أن نبحث موضوع الخلاص. ففي ذلك الوقت وعدت الله أني سأقرأ الكتاب المقدس، لا كما كنت أقرأه من قبل: للانتقاد والهدم، إنما لأفتش فيه عن الحق، حتى يعلن الله لي طريق التبرير. فأزحت جانباً تعصُّبي وفلسفتي، وجعلت أقارن الأفستا والساتيارث براكاش والكتاب المقدس والقرآن، ووصلت إلى أن الخلاص موجود في المسيح وحده. وهذا كل ما أستطيع أن أقوله، فإن كان في بحثي نقص، فإني أكون شاكراً لكم أيها السادة لو بيَّنتموه لي. وإن كنتم تريدونني أن أسحب ما قلته فإني أعلن أن لا رجوع عما قلته. ولست أظن أن واحداً منكم يستطيع أن يهدم ما وصلت أنا إليه».

وتركت الاجتماع لأنه لم يكن من الحكمة أن أبقى، فتبعني فوراً السيد مونشي واحتضنني. وسالت دموع الفرح من عينيه وقال بصوت مرتعش: «يجب أن تأتي معي، فليس من الأمان في شيء أن تقضي الليلة بمفردك في حجرتك». فجاوبته: «إن أعضاء الجمعية من المسلمين المثقفين، ولست أخشى بطشهم». ثم قلت: «ولو أن هناك غيرهم ممن أخاف حماقتهم. سأجئ إلى بيتك مع طلوع الصباح. فإذا تأخرتُ عن ذلك، فأرجوك أن تأتي إلى غرفتي لتفتش عني». ودخلت غرفتي وأغلقت الباب من الداخل وأطفأت النور، وجلست غارقاً في أفكاري. كانت تلك ليلة إعلان أفكاري، وكانت ليلة امتحان. واتّضح أمامي أني وقد صرت مسيحياً فقد خسرت بلدي وجيراني وحقوقي وأصدقائي. خسرت كل شيء. ثم أني سأدخل المجتمع المسيحي المختلف عني في العادات والتقاليد وكل شيء. دارت كل هذه الأفكار في رأسي، فكان من المستحيل أن أنام.

وأخيراً قلت لنفسي: «يا سلطان، عليك أن تذكر أنك ابن الساعة التي أنت فيها، وأن العالم كله باطل فانٍ. وعندما ستموت لن ينفعك بلدك ولا ميراثك ولا عائلتك ولا أصحابك. فكل هؤلاء ينتمون إلى العالم الحاضر، ولن يبقى معك شيء أو شخص تمضي به إلى ما وراء القبر إلا إيمانك المبني على أساس عمل المسيح. فلا يجب أن تترك الحياة الأبدية والسعادة الروحية من أجل فترة انتقالية».

وعندما ركعت لأصلي قلت: «يا مالك الملك، يا مبدع الخلق، إليك سلَّمت وجهي، فتقبَّل مني واغفر لي وارحمني. ربنا، إنك تعلم ما نخفي وما نعلن. ربنا لا تجعل الدنيا أكبر همي وغمي، ولا تجعل فتنتي في ديني.. أنت ملجإي وملاذي، بك أستعين وأستعيذ من كل ضعفٍ يحول بيني وبين الإيمان بابنك الوحيد يسوع المسيح ربنا. يا من قلت، وقولك الحق «تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم» يا من وعدت ووعدك الصدق «اقرعوا يُفتَح لكم» إلهي أدعوك وأنا موقن بأنك سميع مجيب الدعوات، فتقبل مني صلاتي مشفوعة بدم مخلصنا الحبيب» .

وبعد أن انتهيت من الصلاة شعرت بالحاجة للنوم فنمت وقتاً قليلاً. وعندما استيقظتُ وجدت السعادة والفرح يغمران قلبي، وزال كل أثر للقلق وعدم الارتياح. وعندما بدأت تباشير الصباح أسرعت لأغتسل، وذهبت إلى بيت مونشي منصور مسيح، فوجدته مشغولاً عليَّ. وكان قد جهَّز الشاي لنشربه معاً. فتحدثنا بعض الوقت، ثم صرفنا فرصة في الصلاة، بعدها ذهبت إلى بيت القس لاجيارد. واندهش القسيس من وصولنا مبكرين، فأوضح مونشي أننا جئنا لأتعمد، وظن القسيس أولاً أننا نمزح. لكن عندما سمع بما حدث في الليلة السابقة احتضنني فوراً وقال: «كنت أعلم أنك تدرس الكتاب المقدس بحماس ونشاط، ولا بد أنك ستصبح مسيحياً. فنشكر الله الذي أقنعك». ووعد أن يعمدني بعد ثلاثة أيام. وطلب مني أن أحفظ غيباً الوصايا العشر، وإقرار الإيمان الرسولي، والصلاة الربانية. وطلب مني أن أبقى معه إذا شئت، أو أبقى مع مونشي منصور مسيح. فقررت أن أبقى مع مونشي.

وعندما جاء يوم الأحد امتلأت الكنيسة بالمسلمين، ولاحظ القس لاجيارد الخطر المحيط بي، فقرر تأجيل المعمودية. وأخيراً بنعمة من الله عمَّدني صباح يوم 6 أغسطس 1903 في كنيسة القديس بولس في بومباي. وبعد معموديتي سافرت إلى كانبور، فقد كان بقائي في بومباي خطراً على حياتي.

وجرى داخلي تغيير رائع عندما صرت مسيحياً. تغيّرت طريقة كلامي وأفعالي وكل أسلوب حياتي حتى أنني عندما زرت بومباي بعد سنة من ذلك اندهش أصدقائي المسلمون مما جرى معي. اندهشوا من رقتي لأنهم كانوا يعلمون سرعة فقدان أعصابي.

قبل أن أصبح مسيحياً كنت أعرف أن الخطية معصية. لكن لم أكن أدرك (كما أدرك الآن) أثر الخطية المدمر على الإنسان كله. ومع أني لا زلت إنساناً ضعيفاً، مجرد حفنة تراب، إلا أني عندما أخطئ ينتابني الأسى على ما أفعل، وأخرّ على وجهي أمام الله بدموع عينيَّ تائباً طالباً الغفران. أما أساس هذا الموقف من الخطية فهو معرفتي عن عمل المسيح الكفاري من أجل خطيتي. إن التوبة وحدها لا تستطيع أن تزيح الخطية، بل يجب أن أتطهر بدم المخلص الكريم. ولذلك ألاحظ أن عالمنا الذي يأخذ الخطية مأخذاً سهلاً يعرّض نفسه، ويقترب شيئاً فشيئاً من الدمار.

ومع أن الشيطان يحاربني بكل طاقته، إلا أني لا أرتبك، لأني أعلم أن المسيح قد سحق رأس الشيطان، فلا يقدر أن يؤذي أو يغلب أتباع المسيح الأمناء. وإني أدعو الرب مالك السموات والأرض، وفاحص القلوب، أن يُرجع قلوب البعيدين إليه، وأن يريهم رعب اليوم الآخِر، واحتياجهم العظيم للخلاص، فيُقبلوا إلى المسيح مخلصهم، القادر وحده أن يخلص إلى التمام.

مسابقة كتاب «لماذا صرت مسيحياً؟»

أيها القارئ العزيز،

اذا قرأت شهادة سلطان محمد بولس فبإمكانك الاجابة عن الاسئلة التالية مستخدماً استمارة الاتصال الموجودة في الموقع:

  1. برهن أن الطبيعة البشرية فاسدة بآية من الكتاب المقدس وآية من القرآن؟

  2. ما هي المعاني الواردة في القول: «ونحن أقرب إليه من حبل الوريد»؟

  3. ماذا قال القس «لاجيارد» ليبرهن عدم تحريف الكتاب المقدس؟

  4. لماذا يستحيل الحصول على الخلاص بالأعمال الصالحة؟

  5. ماذا يقول الإسلام في تأكيد دخول الجنة؟

  6. بحسب القرآن والحديث، من هو الشخص الوحيد الكامل؟

  7. ما هو الحل الإلهي لمشكلة الخطية؟

  8. كيف يعرف الإنسان أنه نال الخلاص؟

  9. ما هو التغيير الذي حصل لسلطان بعد إيمانه بالمسيح؟

  10. ما هو موقفك أنت أيها القارئ من الخلاص؟

الرجاء استخدام الاستمارة الخاصة بالموقع للاتصال بنا:

www.the-good-way.com/ar/contact

كما يمكنك استخدام البريد العادي على العنوان التالي:


The Good Way
P.O. BOX 66
CH-8486
Rikon
Switzerland